الاثنين، أبريل ٢٨، ٢٠٠٨

هم 45 جنيه شوف انا هاعمل بيهم ايه!!!!ـ

تعوّدنا..نحن المصريين.. أن نشكو ضعف
حالنا، وقلة حيلتنا، ليلاً ونهاراً
دون أن يسمعنا أحد.. أو ربما يسمعوننا بس
وراهم حاجة ولما يخلصوا هيردوا
علينا.. وكعادة كل شيء في مصرنا المحروسة
رفعنا شعار: يبقى الحال على ما
هو عليه وعلى المتضرر أن يخبط دماغه في
الحيط باعتبار الناس الغلابة..
عندهم عيال عايزين يربوهم.. وعلى رأي
المثل: يا نحلة لا تقرصيني ولا عايز
عسلك
لكن الحكومة أخيراً سمعتنا، ويظهر كده
على ما أظن.. وليس كل الظن إثم..
إن حد من إياهم حب يهدي النفوس بينها
وبين الشعب، وفهّمها أن محدودي
الدخل لا يشعرون بمجهوداتها الجبارة
ليلاً ونهاراً للارتقاء بمصلحة
المواطنين، مثل حل أزمات السكن بإنشاء
القرى السياحية في مارينا والساحل
الشمالي، وشرم الشيخ، والقضاء على أزمات
المرور بالتعاقد مع اليابان على
القطار الطلقة الذي يصل للإسكندرية في
نصف ساعة بسعر تذكرة لا يقل عن 75
جنيهاً، بالإضافة إلى استيراد الفول،
وترويج الخبز السياحي بسعر 50 قرشاً
للرغيف، والحفاظ على وزن المواطنين
بتعمد معاملة خراف أستراليا معاملة
سيئة حتى تمنع أستراليا تصديرها إلينا،
وبالتالي حرماننا من اللحمة، ثم
افتكاسة موضة استئجار الخراف المصرية في
العيد الكبير، وغيرها من
الإنجازات التي لا حصر لها لحكومتنا
الموقرة
*******
كل هذا دفع معالي وزير التضامن
الاجتماعي للخروج علينا.. نحن الغلابة..
للرد على افتراءاتنا، مؤكداً في تصريح
لمجلة الشباب.. ولا أحد يجرؤ على
تكذيب الحكومة.. أن 120 جنيهاً تكفي مصاريف
فرد واحد خلال شهر بأكمله،
لكن يبدو أن السيد المصيلحي وزير
التضامن الاجتماعي كانت نيته خيراً،
ويريد التخفيف علينا.. حتى لا يعايرنا..
بأفضال الحكومة التي لا تعد ولا
تحصى.. ولم يشأ أن يخبرنا بأن هذا الرقم
الكبير قام بتحديده لمصاريف
المواطن كنوع من الرفاهية والهشتكة
يعنى باختصار ممكن بالـ120 جنيها ندفع
الإيجار.. ومالناش دعوة بالأغنياء
الوحشين اللي عندهم تمليك, وكهرباء
السلم.. وبرضه مالناش دعوة بالناس
الوحشين اللي عندهم أسانسير, والمياه
اللي بنشربها من الحنفية.. وكمان
مالناش دعوة بالناس اللي مش بتشرب غير
مياه معدنية, والمواصلات.. وسيبنا
المرة دي عشان خاطري من اللي عندهم
عربيات, والحلاقة.. لأننا مش متطرفين
سايبين دقنهم وشعرهم, والأكل والشرب
والعيش.. وكفاية إن الحكومة بتتكفل
بثمن المسامير والشباشب المحشوة في
الأرغفة, وثمن الكشاكيل والأقلام
لأطفالنا اللي في المدارس. ماحدش جاب
سيرة المدارس الخاصة ولا الدروس
الخصوصية لأن الدولة وفرت مجانية
التعليم
وفي النهاية يتبقى لنا فائض من الـ120
جنيها لكن للأسف لا يمكننا
الاستفادة منه لأن الخدامة في كل شهر
تطمع في الباقى وتطفش
*******
لكن السيد معالي وزير التنمية
الاقتصادية، كان رجلاً صارماً لا يعرف
المجاملة أو الطبطبة لذا حسم الموقف
ولسان حاله يقول: بلاش تدلعهم
يامعالي وزير التضامن الاجتماعي..
مؤكداً.. آه والله قال كده فعلا بحق
وحقيقي.. أن 45 جنيهاً فقط كافية لمصاريف
المواطن فى الشهر
وقبل أن يعطينا الفرصة لنلوم أنفسنا على
ظلم الحكومة، والتكفير عن
سيئاتنا بالدعاء الصالح لها في المساجد
والكنائس، بما إننا طلعنا شعب
طماع وجشع، بينما لا نحتاج لأكثر من 45
جنيها في الشهر للمواطن، حتى أعلن
رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء
أن مصر مافيهاش حافيين.. ده على
أساس إن أطفال الشوارع والفلاحين
الغلابة الحافيين مجرد خداع بصري قادماً
من عالم الماتريكس
ثم أتبعه د.أحمد الدمنهوري الخبير
الدولي بالتنمية البشرية، والأستاذ
السابق بجامعة بنسلفانيا بتأكيده أن مصر
مافيهاش بطالة.. والله العظيم مش
بيهزر، وبيتكلم جد.. بل إن هناك ما يوازي
241 ألف فرصة عمل يتم طرحها
أسبوعيًا أي ما يقارب مليون وظيفة
شهرياً حسب دراسة تحليلية أجراها على
الوظائف المعلن عنها بالجرائد القومية،
بأجور تتراوح في المتوسط ما بين
250 إلى 600 جنيه بمقابل عدد ساعات يتراوح
ما بين 8 إلى 12 ساعة يوميا..
وكان أكثرها في مجالات المهن الحرفية
والأمن والتسويق والمبيعات والسياحة
والفندقة مما يدل على وجود قطاع كبير من
الوظائف التي تحتاج لمن يشغلها،
لكنها للأسف لا تجد من يتقدم لها
وشوية شوية كانت الدراسة هتقول المفروض
نبعت نجيب هنود وباكستانيين
يشتغلوا عندنا في الوظائف الخالية التي
لا تجد من يعمل بها أسوة
بالإمارات ودول الخليج
*******
في الحقيقة لا أدري لماذا بعد سماع كل
هذا الهراء، ضبطت نفسي متلبساً
بمحاولة الفهم العتيقة، وكالمعتاد.. حيث
العجز عن فهم أي شيء على أرض
الواقع عادة مصرية حديثة.. لم أصل لأي
تفسير لهذا الهراء، إلا أنني سعدت
كثيراً بنكت جديدة جاءت طازجة من عالم
الخيال العلمي بشكل مثير يجعلها
جديرة بإلقائها في الـ: ريسايكل بين
*******
إذا كان هذا كلام السادة المسئولين،
ومندوبي أهل العلم، والخبرة، فلمن
نذهب، ومع من نتحاور، وإلى من نشكو؟
الآن فقط أدركت الحكمة القائلة: الشكوى
لغير الله مذلة
والآن فقط أدركت أيضاً قيمة ذلك المشهد
الأكثر من عبقري للراحل عبد
المنعم إبراهيم في فيلم الزوجة الثانية
وهو يصيح في الأطفال الحافيين من
حوله: ادعوا للعمدة ادعوا له، وكمان
ادعوا له